اهتزاز العرش.
من الوهلة الأولى يأتي الريب حول هذا الخبر .... هل حقّا يهتزّ عرش ربّ الكون ، ربّ كل شيء من أصغر ذرّة إلى أوسع مجرّة
لموت سعد ؟
في الحقيقة هناك ثلاث آراء في اهتزاز العرش (آراء سنّية):
- هناك من قال اهتزاز العرش المقصود به فرح من هم على العرش
- هناك من قال أنه اهتزاز عرش سعد نفسه، يعني سريره.
- وهناك من قال (وهو رأي ابن تيمية) أن العرش يهتزّ كجسم و هو عرش الرحمن و ليس سرير سعد.
من القولين الأوليّن نستقرئ أصحابهما يريدون القول أن عرش الرحمن أعظم من أن يهتز اهتزازا جسميا لموت سعد رضي الله عنه، و في نفس الوقت التريث و عدم إبطال حديث صحيح في صحيح البخاري بدون سند علمي. ولكن هناك من يجادلهم رأيهم بالقول، بالنسبة للرأي الأوّل، أن الحديث واضح، فهو يتكلّم عن مصيبة و ليس عن فرح، بدليل أن الحديث يقول "اهتز العرش لموت سعد بن جبل". فالإهتزاز إن كان لا يكون فرحا فالموت مصيبة، وهذا الطرح يعتبر نقضا لرأي ابن تيمية أيضا الذي يقول أن عرش الرحمن اهتز جسميا فرحا بقدوم سعد، فلو كان فرحا لقال الإستشهاد أو أي شيء آخر، أما عن الرأي الثاني فهناك أحاديث تبيّن ما هو العرش المقصود و ذلك بذكر لفظ "عرش الرحمن".
الوسوسة التي في صدري من قول ابن تيمية، هو أنه يقول في نفس الوقت أن الله استوى على العرش بذاته... وتخيّلوا معي المنظر الذي يأتي إلى مخيّلة المسلم عند ذكر المسّلمتين معنا : الله على العرش بذاته - العرش اهتزّ جسميا لموت سعد...........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذه الأمور الغيبية يستعملها البعض لتكفير بعضهم بعضا كما يستعملها آخرون للإنقاص من أهمية الأحاديث النبوية في الصحيحين و غيرهما مما دوّن بعد وفاة النبي بقرنين من الزمن، كما أن هناك من يستعملها لزرع البلبلة و التشكيك في الدين الإسلامي طولا و عرضا.
-----------------------------------------------
رأيي الخاص كمسلم عاميّ حدث معي أن اكتشفت الجدال بالصدفة على الأنترنت وهو الآن في رأسي لا يمكنني عدم التفكير فيه:
أوّلا : إن عدم إيماني بأن الله عزّ وجل مستو على العرش بذاته يعفيني من المنظر الذي ذكرته عند التفكير في مسلّمتي ابن تيمية المذكورتين (و الحمد لله لم يكن إيماني الأول وسيلة لدرء المشكل الثاني و إنّما حدث قبله و عن طيب خاطر)
الشيء الثاني هناك أحباب الله عزّ وجل من عباده من الذين لهم مكانة كبيرة عنده بسبب تقواهم و و رعهم و العرش يهتزّ إن أراد الله له ذلك، ولكن لماذا لم يهتزّ العرش عند وفاة الأنبياء و المرسلين و حتى الصحابة الذين هم أعظم منزلة عند الله من سعد؟ ... المشكل إذا استسلمنا لهذا السؤال العقلي فأين نضع الحديث الصحيح المنقول عن رسول الله؟
- الفكرة التي أنا تابث عليها إلى حد كتابة هذه السطور : بما أن هناك علماء معاصرين يهتمون بالحديث قد قاموا بتضعيف أحاديث صحيحة في الصحيحين (لا يخفى عليكم أن الألباني رحمه الله قد ضعّف ما لا يقل عن 10 أحاديث في الصحيحين كان يعمل بها من قبله) فلماذا لا نراجع صحّة الحديث بطرق علمية لا تضع مجالا للشك .......... في انتظار ذلك فأنا مع الحكم الشرعي ضد العلم التجريبي إن اختلفا و لكن بشرط تبوث الحكم الشرعي باليقين إلى مصدره الصحيح، وبدون آراء أو تأويلات مختلفة.
Comments
Post a Comment