رحمة ربّي قدّرت بـــ 1760 دج (176000 سنتيم) في عصر الجاهلية الثانية ...

لا يمكنك أن تقنع مريض السّكري (في بعض الأحيان حتّى ولو كان جامعيا) بأن يمتنع عن اللّهث و الجري وراء مكمّل غذائي لم تتأكد لا الوزارة الوصية و لا هيئة الأطباء ولا هيئة الصيادلة و لا غيرهم من تأكيد عدم إضراره بجسم الإنسان بطريقة علمية. كيف يحدث ذلك و الوزير الدكتور نفسه رقص غبطة و فرحا على المباشر بهذا المولود الذي جعل الجزائر في مقدّمة الدول المخترعة للأدوية.
كل القصّة نستطيع أن نضعها في خانة "الإرهاب" ضد هذا الشعب المسكين و المغلوب على أمره. مثلها مثل إرهاب العشرينية السوداء إلى إرهاب الخليفة إلى إرهاب الطرقات إلى إرهاب الإدارة إلى إرهاب بلّحمر إلى إرهاب قنوات العشب و التبن و الدّجل التلفزيونية....الخ.
الفكرة العامة و المشتركة بين كثير من طرق هذا الإرهاب هو استعمال الدّين لمآرب أخرى (السلطة، المال، الإستحواد على السوق، سرقة جيوب الشعب، ... الخ). و إلّا كيف يسمّى دواء بـــــ "رحمة ربّي"؟ الواضح أن الرجل و من وراءه درسوا و فهموا سيكولوجية مرضى السكّري الجزائريين ولم يدرسوا داء السّكري البتّة، و النتيجة هو إعطاء إسم "عاطفي" ذو روحية دينية يجلب الزبائن، فبما أن الأمر نجح مع الإرهاب في جلب طائفة من الشعب و مع بلّحمر في جلب طائفة من المرضى فمن المنطق أنه سيجلب فئة كبيرة من طائفة مرضى السّكري، هذا هو الإختراع الذي اكتشفه "زعيبط".
الطّامة الكبرى هو ليس وجود سرّاق و لصوص و قنوات صرفي صحّي (حاشاكم) بين 40 مليون جزائري، فالدراسات الإجتماعية و الحقائق اليومية تؤكّد وجود مثل هؤلاء عند كامل شعوب العالم، و إنّما الطّامة أن تساعد الوزارة الوصية مثل هؤلاء في مخادعة الشعب و اللعب بعواطفهم و أمراضهم. نذكّر أن وزير الصحّة قد قام باستقبال صاحب "الإختراع المذكور" أمام الكاميرات و أبدى إعجابه و غبطته "بعبقرية هذا المخترع" و أمله في تسويق الدواء قبل نهاية السنة. و بعد هنيهة من الزمن ... راح ينفض يديه و يغسلهما بالبرد و الثلج ليقول : الإختراع ليس دواء بل هو مكمّل غذائي و و زارة الصّحة غير معنية به بتاتا. يعني وضع الكرة بيد وزارة التجارة بعدما فهم أنه وقع ضحية عبقرية "الإسكروكري" لبعضهم (لا ندري ربّما هو نفسه متورّط)، وهذا بعد ظهور حالات تناولت هذا "السّم" هي الآن بالمستشفيات عبر كامل المناطق التي بيع فيها (ربّما وجب على وزير التجارة متابعة وزير الصحة في العدالة .... العدالة؟).
في خرجة متأخّرة لمدير الضمان الإجتماعي لغير الأجراء و هو على ما أظن طبيب، قال أنّه سيحاكم كل طبيب ينصح المرضى بالتخلي عن الأنسولين لصالح "رحمة ربّي"، ثم تتبعه وزارة التجارة في تقديم نصيحة للمرضى بعدم تناول هذا المكمّل الغذائي إلّا بعد إجراء التحاليل عليه من طرف الجهات المختصّة ..... و المريض المسكين تفرّغ جيوبه تفريغا و تنهك صحّته نهكا في انتظار بلاغ رسمي على التلفزيون الرسمي بمنع تسويق هذا السمّ ذو الحدّين الشّريرين.
في تجربة شخصية مع مرضى السكّري الذين تناولوا هذا "السّم" جاءنا اليوم مريض إلى الصيدلية وهو مريض سكّري من النوع الثاني، قال : منذ بدأت بتناول هذا الدّواء و تركيز السكر عندي فيما يفوق 3 غرامات ....

Comments

Popular posts from this blog

Bibliothèque de l'Algérie ancienne

الإيمان الإسلامي و الإيمان الإسلاموي الميتافيزيقي

الحمّص السياسي